اخبار السودان

صهيب كرمة: صُعود فناني الربابة الي قِمّة الساحة الفنيّة بالبلاد وهُبوط الجوكِيّة وقونات الزمن الأغبر.

0 128
اخبار السودان

.

الزول- صهيب كرمة،،

شهدت الساحة الغنائية في الأوئنة الأخيرة إنتشاراً ملحوظاً لنشاط أغنيات الربابة، وإزداد فنانوها بشكل لافت، ولاقت ظهورهم تلك إقبال جماهيري عريض في الداخل والخارج مؤخراً، حيث سيطر مجموعة من شباب الربابة بقيادة ذائع الصيت بله ودالأشبه علي الساحة وأحدثوا نقلة نوعية لشكل الساحة من ضجيج الفن الهابط الذي كثر وتوسّع هُوته خلال الفترات الماضية بشكل مرعب،الا انها مع ظهورهذه المجموعة بدءت تلاشي احلام القونات وضجيجهم مع مهب الربابة.

جميل أن نري شكل الساحة الغنائية تتغيّر وتتبلور “ولو” نحو ثقافة مُكون إجتماعي “مُعين” بهذه السرعة، علي أقل تقدير يُحسب لكيان إجتماعي معلوم في وطنا وتُشكّل هويتنا فضلاً من إستمرارية صُعود الهابِطين فنياً الي قِمة الساحة الفنيّة وتصدير العاهات والتفاهات التي لا ترتقي لمستوي الفن السوداني المُتجزّر الي السَطح، وتبديلها بفن ذات مضامين.

نُتابع كيف إستطاع ودالاشبه ودوبا ومنعم سحب البُساط من القونات خلال الايام الماضية ، احدثوا ضجّة وهيئوا بيئة تنافس، إستطاعوا أن يتخطّوا حواجز السخف ويتسابقوا في السيطرة علي “ترند الفن” في كل المنصّات ووسائل التواصل الإجتماعي بمختلف التطبيقات فيس تيك توك تويتر يوتيوب واتساب الخ.، إذ تجد اعمالهم في البصات السفرية، والمطاعم والاماكن التجارية العامة والمركبات وعدد من موجات الFM في وقت واحد، في الاسواق اصحاب الاكشاك وكافة صوالين الحلاقة وغيره.

منذ مطلع سبتمبر بدء ظهورهم بقوة ومنها حدث نقلة نوعية وإحتلال للساحة الفنية دخلوا هؤلاء الشباب كاللصوص علي قلوب السودانيين، لفتوا إنتباههم وإقتحموا وجدانهم عنوة بما يقدموه من فن إستماعي راقي مُتجدد غذير لا يستطيع أي من “زعيط ومِعيط” تقديمها لمعجبيهم بشكل راتب مثلهما.

بدءت تدور نقاشات هنا وهناك وكثير ممن ذهب علي رأي سلبي وصفاً ذلك بانها مجرد فورة لهم فترة زمنية وسيتلاشوا كغيرهم،هنا قد اختلف مع هذا الرأي، لان الفرق بين هذا وذاك واضحاً، لدي شباب هنا غنائهم جزء من موروثهم الثقافي أهل
في السودان عرفوا بطبيعة حالهم لها موروث ومخزُون عميق،
يتغنون للحب وللسلام وللكائنات جميعاً، يحكون بغنائهم حال لسان واقعهم تماماً، يمكن للغناء أن تأتي في لحظات بسيطة،
كذلك يمكن يتم اللحن في لحظات أبسط ما يوصف أنهم علي سجيّتهم يتغنون دون تصنّع، أو تكليف انفسهم عناء البحث عن شاعر أو مُلحّن أو موزّع، لأن الآلة التي تقوم بذلك بين نفس الأضلع الذي يؤلف ويُغنّي.

بشكل فجائي إنطلقوا وهم يقدمون فن إستماع راقي، ظهور طاغي دهس جربوعات النقّاطات،يتغنّون من دواخلهم، كأولاد ريف يرفضون كل ماهو غريب كالنُقطة والتدليس، وظواهر الهُبوط، جميل أن نسمع الربابة وتنقلنا الي بوادي البطانة والدوبيت نزور اهل قبائل السودان الجميلة بمختلف مواقعها في الربُوع، نقلوا وجداننا من خضمِ الهُبُوط الناعم الي مكاننا الطبيعي هذه ليست عُنصرية كما سيعتقد البعض بل من واقع سودانيتنا الذي نعتز به أي كانت فهي تمثلنا علي كُلٍ.

بله ود الاشبه ظاهره غنائية فريدة، يعكس طباع فنان الريف الثابِت المُهذّب المُلتزم، صوت جهور غير مُتصنّع، راكز عكس بعض الفنانين الذين يهزّون اوساطهم ويتمايعون فقط لكسب شهرة ذائفة لاتستطيع أن تفرق بينه وبين أي “قونة جربوعة” فقط لدي بعض المآخذ والملاحظات حوله ليته يعِي ظاهرة مرافقة “الحرس” ابعضلات مزيفة هنا وهناك، إسترسل له هذه العِبارة بالدارجي “إنت يازول ود بلد أغبش ماك مُمسّح، وماك محتاج للطلس”هذا أدخلوه أشباه الفنانين، الذين لايثقون في أنفسهم.

إن من أوجد نظام الحرس لايعدو ك”برستيج” مكمل لوهمتهم الذي هم عليها، يصرفون عليهم ملايين، أمور قونات ومغارز وبوبار يفهمونها جيداً، أنت لستُ مجبراً لتقليدهم، ولستُ في معركة، بل بين أكثر الناس حباً وإعجاباً لفنّك، جمهورك الذي سيرفعك عندما تعتر ويقيّم مسيرتك، لذا دع البُساط أحمدُ، وأطرب الناسُ علي سجيّتك أنت اروع، فمثل هذه السُلوكيات والظواهر الغريبه الذي طفح علي سطح الوسط الفني من نشر الموسيقا والكلمات المُبتزلة والتعرّي والفجور والنقّاطة وامور الخرمجة وقلة الذوق والأدب، يجعل الناس يتزمّرون من الفن عليك بأن تجتهد لتكون أفضل من غيرك، ولعل سعيك يعيد الفن لحقبات إبداعو بعد أن إقتحمه هؤلاء الشواذ.

علي الصعيد الشخصي لا اميل الي أغنيات السيرة بالرغم من إنها تُشكل ذات التُراث، ولكني هُنا ألاحظ نفس هذه الاغنيات تحوّلت رويداً رويدا من شكلها “الهجيج” الي الإستماع بشكل تلقائي، من يتابع جمهور هؤلاء تجد تفاعلهم مع الغناء فقط بالإيماءات وتعابير المُختلفة وهم في هُدوء تام، دون مظاهر “البطان” أي جلد السياط، فهذه أعتبرها نقلة نوعية، جيل امامه الكثير، وما بين هذا وذاك إنهم لا يتنافسون مع احد سوي مع انفسهم،كأنهم يفرضون فنّهم علي الجماهير المختلفة دون إجبار أحداً، إذ تجد في كل مكان اغنية “يازول يازوول”.

كل يتغني بلونيته وإمكانيته، والجميع يستمعون وسيل من الأغنيات تصبب خلال الاشهر الماضية أكاد وأجزم إنها تفوق جمالاً وعددا اكثر من مُرددي عدد محدود من أغاني غيرهم لسنين طويلة فهذه هي الفن تحتاج الي التجديد لكسر الرتابة والملل التي تشهدها الساحة الغنائية، وهنا ياعزيزي الاعجاب لمن ألف ولحّن وغنّي وأبدع وأمتع وادهش الجميع ولا سلاماً علي جربوعات وعاهات الزمن الهلامي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.